فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.أسئلة وأجوبة للفخر:

قال الفخر:
وفي الآية سؤالات:
السؤال الأول:
العام إنما يحسن تخصيصه إذا كان الباقي بعد التخصيص أكثر من حيث أنه جرت العادة بإطلاق لفظ الكل على الغالب، يقال في الثوب: إنه أسود إذا كان الغالب عليه السواد، أو حصل فيه بياض قليل، فأما إذا كان الغالب عليه البياض، وكان السواد قليلًا، كان انطلاق لفظ الأسود عليه كذبًا، فثبت أن الشرط في كون العام مخصوصًا أن يكون الباقي بعد التخصيص أكثر، وهذه الآية ليست كذلك فإنكم أخرجتم من عمومها خمسة أقسام وتركتم قسمًا واحدًا، فإطلاق لفظ العام في مثل هذا الموضع لا يليق بحكمة الله تعالى.
والجواب: أما الأجنبية فخارجة عن اللفظ فإن الأجنبية لا يقال فيها: إنها مطلقة، وأما غير المدخول بها فالقرينة تخرجها لأن المقصود من العدة براءة الرحم، والحاجة إلى البراءة لا تحصل إلا عند سبق الشغل، وأما الحامل والآيسة فهما خارجتان عن اللفظ لأن إيجاب الاعتداد بالإقراء إنما يكون حيث تحصل الإقراء، وهذان القسمان لم تحصل الإقراء في حقهما، وأما الرقيقة فتزويجها كالنادر فثبت أن الأعم الأغلب باق تحت هذا العموم.
السؤال الثاني:
قوله: {يَتَرَبَّصْنَ} لا شك أنه خبر، والمراد منه الأمر فما الفائدة في التعبير عن الأمر بلفظ الخبر.
والجواب من وجهين: الأول: أنه تعالى لو ذكره بلفظ الأمر لكان ذلك يوهم أنه لا يحصل المقصود إلا إذا شرعت فيها بالقصد والاختيار، وعلى هذا التقدير فلو مات الزوج ولم تعلم المرأة ذلك حتى انقضت العدة وجب أن لا يكون ذلك كافيًا في المقصود، لأنها لما كانت مأمورة بذلك لم تخرج عن العهدة إلا إذا قصدت أداء التكليف، أما لما ذكر الله تعالى هذا التكليف بلفظ الخبر زال ذلك الوهم، وعرف أنه مهمًا انقضت هذه العدة حصل المقصود، سواء علمت ذلك أو لم تعلم وسواء شرعت في العدة بالرضا أو بالغضب الثاني: قال صاحب الكشاف: التعبير عن الأمر بصيغة الخبر يفيد تأكيد الأمر إشعارًا بأنه مما يجب أن يتعلق بالمسارعة إلى امتثاله، فكأنهن امتثلن الأمر بالتربص فهو يخبر عنه موجودًا، ونظيره قولهم في الدعاء: رحمك الله أخرج في صورة الخبر ثقة بالإجابة كأنها وجدت الرحمة فهو يخبر عنها.
السؤال الثالث:
لو قال يتربص المطلقات: لكان ذلك جملة من فعل وفاعل، فما الحكمة في ترك ذلك، وجعل المطلقات مبتدأ، ثم قوله: {يتربصن} إسناد الفعل إلى الفاعل، ثم جعل هذه الجملة خبرًا عن ذلك المبتدأ.
الجواب: قال الشيخ عبد القاهر الجرجاني في كتاب دلائل الإعجاز: إنك إذا قدمت الاسم فقلت: زيد فعل فهذا يفيد من التأكيد والقوة ما لا يفيده قولك: فعل زيد، وذلك لأن قولك: زيد فعل يستعمل في أمرين أحدهما: أن يكون لتخصيص ذلك الفاعل بذلك الفعل، كقولك: أنا أكتب في المهم الفلاني إلى السلطان، والمراد دعوى الإنسان الانفراد الثاني: أن لا يكون المقصود ذلك، بل المقصود أن تقديم ذكر المحدث عنه بحديث كذا لإثبات ذلك الفعل، كقولهم: هو يعطي الجزيل لا يريد الحصر، بل أن يحقق عند السامع أن إعطاء الجزيل دأبه ومثله قوله تعالى: {والذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقون} [النحل: 20] ليس المراد تخصيص المخلوقية وقوله تعالى: {وَإِذَا جَاءوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَقَدْ دَّخَلُواْ بالكفر وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ} [المائدة: 61] وقول الشاعر:
هما يلبسان المجد أحسن لبسة ** شجيعان ما اسطاعا عليه كلاهما

والسبب في حصول هذا المعنى عند تقديم ذكر المبتدأ أنك إذا قلت: عبد الله، فقد أشعرت بأنك تريد الأخبار عنه، فيحصل في العقل شوق إلى معرفة ذلك فإذا ذكرت ذلك الخبر قبله العقل قبول العاشق لمعشوقه، فيكون ذلك أبلغ في التحقيق ونفي الشبهة.
السؤال الرابع:
هلا قيل: يتربصن ثلاثة قروء كما قيل: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] وما الفائدة في ذكر الأنفس.
الجواب: في ذكر الأنفس تهييج لهن على التربص وزيادة بعث، لأن فيه ما يستنكفن منه فيحملهن على أن يتربصن، وذلك لأن أنفس النساء طوامح إلى الرجال فأراد أن يقمعن أنفسهن ويغلبنها على الطموح ويخبرنها على التربص.
السؤال الخامس:
لفظ أنفس جمع قلة، مع أنهن نفوس كثيرة، والقروء جمع كثرة، فلم ذكر جمع الكثرة مع أن المراد هذه القروء الثلاثة وهي قليلة.
والجواب: أنهم يتسعون في ذلك فيستعملون كل واحد من الجمعين مكان الآخر لاشتراكهما في معنى الجمعية، أو لعل القروء كانت أكثر استعمالًا في جمع قرء من الإقراء.
السؤال السادس:
لم لم يقل: ثلاث قروء، كما يقال: ثلاثة حيض.
الجواب: لأنه أتبع تذكير اللفظ ولفظ القروء مذكر فهذا ما يتعلق بالسؤالات في هذه الآية. اهـ.
أسئلة وأجوبة أخرى للفخر:
قال الفخر:
وههنا سؤالات:
السؤال الأول: ما فائدة قوله: {أَحَقُّ} مع أنه لا حق لغير الزوج في ذلك.
الجواب من وجهين الأول: أنه تعالى قال قبل هذه الآية: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله في أَرْحَامِهِنَّ} كان تقدير الكلام: فإنهن إن كتمن لأجل أن يتزوج بهن زوج آخر، فإذا فعلن ذلك كان الزوج الأول أحق بردهن، وذلك لأنه ثبت للزوج الثاني حق في الظاهر، فبين أن الزوج الأول أحق منه، وكذا إذا ادعت انقضاء أقرائها ثم علم خلافه فالزوج الأول أحق من الزوج الآخر في العدة الثاني: إذا كانت معتدة فلها في مضي العدة حق انقطاع النكاح فلما كان لهن هذا الحق الذي يتضمن إبطال حق الزوج جاز أن يقول: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ} من حيث إن لهم أن يبطلوا بسبب الرجعة ما هن عليه من العدة.
السؤال الثاني: ما معنى الرد؟.
الجواب: يقال: رددته أي رجعته قال تعالى في موضع {وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبّى} [الكهف: 36] وفي موضع آخر: {وَلَئِن رُّجّعْتُ}.
السؤال الثالث: ما معنى الرد في المطلقة الرجعية؟ وهي ما دامت في العدة فهي زوجته كما كانت.
الجواب: أن الرد والرجعة يتضمن إبطال التربص والتحري في العدة فهي ما دامت في العدة كأنه كانت جارية في إبطال حق الزوج وبالرجعة يبطل ذلك، فلا جرم سميت الرجعة ردًا، لاسيما ومذهب الشافعي رضي الله عنه أنه يحرم الاستمتاع بها إلا بعد الرجعة، ففي الرد على مذهبه شيئان أحدهما: ردها من التربص إلى خلافه الثاني: ردها من الحرمة إلى الحل.
السؤال الرابع: ما الفائدة في قوله تعالى: {فِي ذلك}.
الجواب: أن حق الرد إنما يثبت في الوقت الذي هو وقت التربص، فإذا انقضى ذلك الوقت فقد بطل حق الردة والرجعة. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قوله جلّ ذكره: {وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ}.
أمَرَ المطلقات بالعِدَّة احترامًا لصحبة الأزواج، يعني إنْ انقطعت العلاقة بينكما فأقيموا على شرط الوفاء لما سَلَفَ من الصحبة، ولا تقيموا غيره مقامه بهذه السرعة؛ فاصبروا حتى يمضي مقدار من المدة. ألا ترى أن غير المدخول بها لم تؤمر بالعدة حيث لم تقم بينهما صحبة؟
ثم قال جلّ ذكره: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ في أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ}.
يعني إنْ انقطع بينكما السبب فلا تقطعوا ما أثبت الله من النَّسَبِ.
ثم قال جلّ ذكره: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدّهِنَّ}.
يعني مَنْ سَبَقَ له الصحبة فهو أحق بالرجعة لما وقع في النكاح من الثلمة.
{فِى ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحًا}.
يعني أن يكون القصد بالرجعة استدراك ما حصل من الجفاء لا تطويل العدة عليها بأن يعزم على طلاقها بعدما أرجعها.
{وَلَهُنَّ مِثْلُ الذي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ}.
يعني إن كان له عليها حق ما أنفق من المال فلها حق الخدمة لما سلف من الحال. {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
في الفضيلة، ولهن مزية في الضعف وعجز البشرية. اهـ.

.فصل في أحكام العدة:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: عدة الحمل:

عدة الحمل تنقضي بوضع الحمل سواء المطلقة والمتوفى عنها زوجها، وسواء في ذلك الحرة والأمة.

.المسألة الثانية: عدة المتوفى عنها زوجها:

عدة المتوفى عنها سوى الحامل أربعة أشهر وعشرة ايام سواء مات عنها زوجها قبل الدخول أو بعده وسواء في ذلك الحيض والأمة والآيسة.

.المسألة الثالثة: عدة المطلقة المدخول بها:

وهي ضربان:
أحدهما الحيض بالإقراء، وهي ثلاثة أقراء الضرب الثاني الآيسات من الحيض وإما الكبر، أو تكون لم تحض قط فعدتها ثلاثة أشهر وأما المطلقة قبل الدخول فلا عدة عليها.

.المسألة الرابعة: عدة الإماء:

نصف عدة الحرائر فيما له نصف وفي الأقراء قرآن لأنه لا يتنصف قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ينكح العبد اثنتين ويطلق طلقتين وتعتد الأمة بحيضتين. اهـ.

.قال الخازن:

قال ابن عباس في معنى الآية: إني أحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي لأن الله تعالى قال: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}.
عن جابر أنه ذكر خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وقال: فيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانات الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف».
قوله: «فاتقوا الله في النساء» فيه الحث على الوصية بهن ومراعاة حقوقهن ومعاشرتهن بالمعروف. قوله: «فإنكم أخذتموهن بأمانات الله» ويروى بأمانة وقوله: «واستحللتم فروجهن بكلمة الله» معناه بإباحة الله والكلمة هي قوله: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} وقيل: الكلمة هي قوله: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} وقيل: الكلمة هي كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله إذ لا تحل مسلمة لغير مسلم وقوله: لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه معناه ولا يأذن لأحد أن يتحدث إليهن، وكان من عادة العرب أن يتحدث الرجال مع النساء ولا يرون ذلك عيبًا ولا يعدونه ريبة إلى أن نزلت آية الحجاب فنهوا عن ذلك وليس المراد بوطء الفرش نفس الزنا فإن ذلك محرم على كل الوجوه، فلا معنى لاشتراط الكراهة فيه، ولو كان المراد من ذلك لم يكن الضرب فيه ضربًا غير مبرح إنما كان فيه الحد، والضرب المبرح هو الشديد. وقول: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف يعني العدل وفيه وجوب نفقة الزوجة، وكسوتها وذلك ثابت بالإجماع. اهـ.